خبراونلاین – ان سلوک السیاسة الخارجیة الایرانیة خلال العقود الثلاثة المنصرمة، کان مزیجا من النظرة الواقعیة والمثالیة التی کانت فی بعض الاحیان ترجح کفة احدها على الاخرى:

 

 حسام الدین واعظ زادة
خبراونلاین – ان سلوک السیاسة الخارجیة الایرانیة خلال العقود الثلاثة المنصرمة، کان مزیجا من النظرة الواقعیة والمثالیة التی کانت فی بعض الاحیان ترجح کفة احدها على الاخرى: ان القاء نظرة على تطورات هیکلیة النظام الدولی، الدقة ازاء علاقات القوى على الصعید العالمی، السعی لتحدید الاصدقاء والاعداء على الصعید الدولی، الدفاع عن المضطهدین والمستضعفین فی العالم، الاهتمام بالقیم الاخلاقیة، الدینیة والمیول  المذهبیة فی السیاسة الخارجیة، وجود نظرة عالمیة وفوق اقلیمیة ازاء التطورات الدولیة، الافادة من المصادر الطبیعیة والمعنویة فی تشکیل التحالفات مع الحکومات الصدیقة، المجازفة الکبیرة فی مجال صراعات القوى فی الساحة الدولیة، السعی لایجاد حوارات ومباحثات دولیة فی المنظمات الدولیة هی کلها من خصائص ومیزات السیاسة الخارجیة الایرانیة خلال مختلف فترات الحکومات المتعددة.
بالاضافة الى الخصائص الآنفة الذکر، یعتبر احد الامور الاستراتیجیة فی السیاسة الخارجیة الذی لطالما کان مکانه فارغا وینبغی الالتفات الیه خلال العقد الرابع من الثورة وخلال فترة الحکومة الحادیة العشرة بشکل ممنهج ومهنی فی العلاقات مع کافة البلدان، هو شعار المشارکة الشعبیة، الدیمقراطیة او السیادة الشعبیة فی العلاقات الخارجیة.
الا اذا کان رأی ونظرة العدید من شعوب العالم الاسلامی وحتى غیر الاسلامی فی العالم الثالث وبناء على الادلة والاقاویل القائمة مواکبا لحق وسیاسة ایران الدولیة. اذا حبذا لو رافق مواکبة الحکومات لایران لمرافقة حقیقیة ودعم من قبل شعوبها.
فی الحقیقة، ینبغی ان تکون نظریة الواقعیة "السیادة الشعبیة والمشارکة السیاسیة" فی السیاسة الخارجیة عنوان لوحة کبیرة للعلاقات السیاسیة والدولیة لایران مع العالم، لان، القوة الرئیسیة تکمن فی السیادة الشعبیة الحقیقیة. فی الحرب والسلم، الحزن والفرح الشعوب هی التی تقوم بعملیة دعم حکوماتها وفی حال عدم ارتیاحها ازاء نهجها ، تعمل فی اطار دائرة نقل السلطة على اختیار حکومات اخرى وبدیلة.
لذلک، وبغرض الافادة المؤثرة من الفرص المتاحة فی العلاقات الدولیة وایضا ایجاد تحول وتغییر فی النظام الدولی بما یصب فی صالح المصالح الوطنیة، ینبغی الافادة وانتهاج نظریة الواقعیة التی تؤکد على مراعاة حقوق الانسان، المشارکة السیاسیة والانتخابات الحرة فی الدول الصدیقة وحتى الشعوب التی تعتبر حکوماتها عدوا لنا.
لذا فان على ایران، وباعتبارها بلدا مستقلا سعى الى عرض نوع مختلف وخاص من الدیمقراطیة والسیادة الشعبیة التأکید بشکل مستمر وجاد على شعار اشاعة الدیمقراطیة، الانتخابات الشعبیة ، والسیادة الشعبیة فی علاقاته مع کافة البلدان ومن خلال علاقاته الدبلوماسیة مطالبة قادة الدول ومسؤولیها تمهید الارضیة للمشارکة الشعبیة ووضع ذلک على جدول اعمالهم وسیاستهم العملیة.
ینبغی تأسیس مؤسسة مستقلة لمتابعة مسیرة السیادة الشعبیة فی البلدان والشعوب الصدیقة لایران بصورة مستمرة. فی الحقیقة، ینبغی ان تبتنی العلاقات الخارجیة على اساس مستوى التزام الدول بحقوق الانسان، الاعتراف الرسمی بحق الشعب ومشارکته فی مختلف مجالات السلطة. على وزارة الخارجیة تقدیم تقریر سنوی حول سیر العملیة الدیمقراطیة، مراعاة حقوق الانسان، مستوى اقامة الانتخابات النزیهة فی بلدان العالم الاسلامی وکافة الدول واعتبار ذلک میزة لتعزیز العلاقات السیاسیة، الامنیة، التسلیحیة، الاستراتیجیة، وتقدیم المساعدات والامتیازات التکنولوجیة، العلمیة، الاقتصادیة والثقافیة.
ان نظریة الواقعیة فی السیاسة الخارجیة تعتبر "السیادة الشعبیة والمشارکة السیاسیة" موضوعا استراتیجیا وفی ذات الوقت تؤکد من باب "التوصیة" على انتهاجه فی مجال العلاقات الخارجیة فی حین تلتفت الى مبدأ عدم التدخل فی الشؤون الداخلیة لکافة البلدان.
ان ایران وفی ذات الوقت الذی تنتهج فیه ضمان مصالحها فی سیر سیاستها الخارجیة، نراها انتهجت مبدأ الواقعیة-المثالیة ولا تزال ، وعلیها فیما یخص صعید العلاقات فی مختلف المستویات مع کافة البلدان، دعوة کافة البلدان بشکل مستمر الى انتهاج القیم والمثل الدیمقراطیة ومراعاة حقوق الانسان فی نقل السلطة السیاسة، والسعی لتعزیز المشارکة السیاسیة للشعب. هذا الامر، یحظى باهمیة بالغة وضروریة خاصة على صعید علاقات ایران مع مجتمعات الدول الاسلامیة.
فی الحقیقة، ان طرح موضوع الحوار الدیمقراطی هو نتاج سیاسة المثالیة-الواقعیة فی مجال السیاسة الخارجیة. فی الحکومة الحادیة عشرة، ینبغی ان یکون هذا الحوار على جدول اعمال السیاسة الخارجیة وایصال صوته الى خارج نطاق الحدود. بالطبع ینبغی عرض آلیات تطبیقه من قبل النخب والمفکرین فی الجامعات على جهاز السیاسة الخارجیة فی البلاد.
ان فوائد تطبیق هذه النظریة عدیدة للغایة والتی لا یمکن حصرها بهذا الکلام هنا، لکن خلاصة القول: ان المسؤولین الرسمیین خاصة القیمیین على السیاسة الخارجیة التأکید فی تعاملاتهم مع حکومات العالم الاسلامی وایضا الشعوب الصدیقة، على الدیمقراطیة، حق التصویت والمشارکة الشعبیة خلال عملیة انتقال السلطة بصورة سلمیة، والتی بدورها ستکون استراتیجیة جدیدة، مبادرة وعاملا مؤثرا فی السیاسة الخارجیة لای حکومة ستأتی العام المقبل وتقوم بتشکیل الحکومة الحادیة عشرة. ان الحکومات الصدیقة ومن خلال الدعم والمشارکة الشعبیة العالیة ، ستسهم فی خفض تکالیف ومجازفات العلاقات السیاسیة لایران وفی ذات الوقت، سینعکس ذلک على استمرار العلاقات الوثیقة والاستراتیجیة خلال الازمات الاقلیمیة والدولیة.
* أستاذ فی جامعة طهران
 

رمز الخبر 182921